مفهوم الحكمة في القرآن الكريم


الله تبارك وتعالى أعطى أهمية كبرى للحكمة فجعلها موازية للقرآن الكريم في اقتران دائم لا ينفصل في العلم والحكم والتزكية والعمل، قال الله تعالى: (( وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )).
وقال تعالى: ((كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)).
وقال تعالى: ((فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا)).
وقال تعالى: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)).
وقال تعالى في حق لقمان الحكيم: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ )).
وقال تعالى في الحكمة: ((يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)).
إذن من هنا يتبين لنا أن الحكمة غير القرآن وهي أيضا غير السنة عكس ما ذهب إليه الكثيرون ممن اعتبروا الحكمة هي السنة، فالحكمة هي الاجتهادات العقلية المضبوطة يقوم بها الإنسان في تعاطيه مع الوقائع والأحداث، والأنيباء أيضا كانوا يجتهدون والنبي صلى الله عليه وسلم اجتهد في فهم القرآن وتطبيقه ومن هنا جاءت السنة النبوية التي هي الفهم النبوي للقرآن وهي الترتيبات التي أوجدتها الحكمة النبوية.
فالحكمة إذن عامة لكل الناس الذين يحسنون ترتيب المبادئ الذهنية والاجتهادات العقلية وفي ذلك قوله تعالى في حق لقمان: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ )). فلقمان لم يكن نبيا وإنما كان رجلا حكيما وقد خلد الله كلامه في القرآن في وصاياه العشر لابنه وهو يعظه.
ومن ذلك أيضا قوله تعالى عن الحكمة : ((يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)). فالحكمة هي هبة إلهية للإنسان العاقل والأحمق لا يناله الله بحكمة.
فالله تعالى أعطى أهمية كبرى للحكمة وجعلها مقرونة بكتابه ومن هنا نفهم أن العلم بالقرآن لا يحصل إلا بالحكمة التي تتحصل عن طريق التدبر والتفكر واستعمال العقل، ومن هنا نخلص إلى أن القرآن الكريم كتاب يجعل من العقل آداة لفهمه وليس كما يدعي الجاهلون بأن لا مدخلية للعقل في الحكم على النقل، وسمى المسلمون الأوائل الفلسفة بالحكمة إذ اعتبروا أن الفلسفة هي نشاط عقلي وترتيب ذهني ينتج عنه الحكم الصحيح لوضع الأشياء في موضعها المناسب، و (الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها) كما في الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمسلمون اليوم في حاجة إلى تفعيل دور الحكمة في تعاطيهم مع التراث الإسلامي ومع الواقع المعاش لتحقيق النهضة العلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن غير هذا ستظل الأمة في دائرة البلادة أحلامها في ذهنها ولا تعرف كيف تعمل لتحقيقها.

ليست هناك تعليقات: